هل «الوفاق» اليوم جمعية شرعية؟

هل «الوفاق» اليوم جمعية شرعية؟

image
فوزية رشيد

* حين فتح جلالة الملك الباب أمام الإصلاح والانفتاح السياسي وتبييض السجون وعودة المنفيين والميثاق التي هي بمثابة عقد اجتماعي جديد وغير ذلك من البوادر الإيجابية والإنجازات ومنها فتح الباب أمام التشكيلات السرية لعودة قادتها وان تتشكل هذه المرة علنا في ظل الإصلاح، فإن جلالة الملك فعل كل ذلك لكي يترجم رؤيته الإصلاحية على أرض الواقع من دون تمييز أو نبذ لأحد، ولكي يترك المساحة مفتوحة ليتعاطى الجميع سياسيا في إطار العقد الاجتماعي الجديد بالمعطى الإصلاحي والديمقراطي وهو المعطى الذي لا يقبل القسمة على اثنين أو يقبل التلونات أو الازدواجية السياسية بمعنى الاحتفاظ بأجندات سرية كما لدى البعض لكي ينقلها إلى زمن الانفتاح والحريات فيستفيد من الديمقراطية لكي يخطو خطوات إضافية وثابتة لتحقيق أجندته السرية ورؤاه الاستبدادية المذهبية وضرب الدولة المدنية الحقيقية.

* ذلك يعني خلطا فاضحا بين أدوات الإصلاح والانفتاح السياسي والديمقراطية المكشوفة وبين الدين والسياسة وبين أدوات العمل السري الذي لم يتغير أصحابه وقادته لكي يرتقوا بأنفسهم إلى مستوى الإصلاح ومشروعه وإلى مستوى الانفتاح وآلياته التي معا من المفترض أن تصب في صالح الديمقراطية التي بدورها من المفترض أن تصب في صالح الثوابت الوطنية والشرعية السياسية للنظام ومؤسساته وبما يوفر الأمن والاستقرار والرفاهية للشعب بكل مكوناته وليس لكي تؤدي إلى نسف منظم لكل ذلك.

* الذي حدث أن الجمعيات السرية التي أخذت صفة العلن بمختلف توجهاتها استمرت تتعاطى مع الواقع السياسي ومع المشروع الإصلاحي بذات العقلية القديمة مضافا لها ما استجد من أجندات، فهي تقول شيئا وتضمر شيئا آخر، تتحرك علنا مستفيدة من كل الآليات الديمقراطية ويحمل بعضها في ملفات «تحركات سرية» وتحالفات داخلية وخارجية تشي بتخريب الإصلاح والديمقراطية وترفع شعارات وتمارس نقيضها مما يجعلها جمعيات لا تنتمي في حقيقتها لا إلى الإصلاح ولا إلى الديمقراطية كما يفهمها شعبنا وإنما هي جمعيات وعلى رأسها الوفاق وأذنابها تتربص بالوطن وبالمشروع الإصلاحي وتسعى بكل دأب لتقلب الأمور على رأسها وتحت ادعاءات أن ما هو موجود إنما هو ديمقراطية صورية وهو كلام تلفيقي خطر، وان السعي هو إلى ديمقراطية حقيقية، فإذا الشعب نفسه يكتشف وبكامل الوضوح من دون أغطية أو دثارات أو أقنعة ان الديمقراطية الحقيقية في نظر هؤلاء هي دكتاتورية الولي الفقيه التابعة للولاية الفقهية والسياسية في إيران، وان مضمون الإصلاح الذي يريده هؤلاء هو الإصلاح الذي يؤدي إلى نسف الإصلاح القائم وكل إنجازاته المدنية حتى يتمكن هؤلاء القادة والكوادر البائسون من السيطرة على السلطة وتحقيق الدكتاتورية والتسلط والاختطاف لكل ما تم من منجزات إصلاحية حقيقية ويراها الوطنيون في البحرين أنها كذلك وأنهم ليسوا بحاجة إلى من يضحك على ذقونهم ببعض الشعارات التلفيقية بعد أن انفضحت حقيقتها وحقيقة ما خلفها من مضمر ومن تقية سياسية هي عدة الجمعيات السرية سابقا التي تعتقد أنها بقليل من الكلام ومن البهارات اللفظية والشعاراتية ستجر الوطن والشعب بكامل مكوناتهما إلى الهاوية التي تريدها لهما.

* هذه الجمعيات «الوفاق وأتباعها» والأخريات غير الشرعيات تلعب اليوم دورا خطرا في تخريب الوعي الوطني وفي ازدواجية الأداء ما بين المعلن والمخفي من الأجندات وفي جر الوطن إلى التجييش والتحريض والعنف والإرهاب بل إلى ضرب الديمقراطية ومحاولة نسف الإصلاح والميثاق والدستور، ولعل الأداء منذ عشر سنوات إلى اليوم يدل على ذلك، ولعل تواتر المقاطعة بين فترة وأخرى تفضح النيات الخفية، ولعل الموقف من الانتخابات التكميلية يقدم الوجه العاري تماما للوفاق حين هي تحاول ضرب الديمقراطية بتهديد المترشحين وتخوينهم وتخويفهم وتشويههم، هي إذاً تمارس التسلط والدكتاتورية بشكل مكشوف ولا تنسى أن تدعي بعدها أنها جمعية أو جمعيات سياسية، ديمقراطية، إصلاحية، فهل لهذه الجمعية «الوفاق» ومن يتبعها من شرعية بعد كل هذا؟

* إن الإصلاح الذي توافق عليه الملك المفدى مع شعبه في الميثاق لم يفتح الباب لهؤلاء الانقلابيين لكي يؤدوا أداء تخريبيا في الوطن، أو يتعاملوا بازدواجية وانتقائية، أو لكي يتصرفوا وفق أجندة سرية باتت مكشوفة اليوم، أو لكي يجروا الوطن إلى مفاهيم الديمقراطية والإصلاحية التي تسعى إلى تخريب الإصلاح والديمقراطية من جهة، وإلى محاولة اختطافهما لتحقيق نظام ثيوقراطي معلب تم استيراده من نظام خارجي طامع في البحرين ويعلن نياته بشكل متواتر.

هذه الجمعيات التي لم تثبت أنها متوافقة مع غالبية الشعب البحريني بل تخلت عن انتمائها إليه لتنتمي إلى الفكر الاستبدادي والدكتاتوري لولاية الفقيه وتريد أن تكرس اليوم معصومية بعض رموزها مقابل الشرعية الحقيقية للقيادة السياسية وللدولة وللنظام وللمؤسسات الديمقراطية وللقانون، وبهذا تكون قد فقدت هي شرعيتها كجمعيات سياسية إصلاحية وديمقراطية.
هذه الجمعيات وعلى رأسها الوفاق ومادامت بكل خطاباتها التحريضية ومرجعيتها التي لا تعود إلى مرجعية الدولة والنظام وإنما إلى مرجعية دينية تريد أن تغتصب لمرجعيتها من الوطن والشعب حقوقا ومعصومية تضعهما فوق القانون وفوق الشعب وفوق الوطن ومصالحه العليا، وبهذا تكون قد فقدت انتماءها الوطني الصحيح والمنطقي.

هذه الجمعيات آن الأوان لكي يتداعى كل الوطنيين الشرفاء ومن كل الأطياف والطوائف وعلى رأسهم الشيعة الوطنيون أن يتداعوا جميعا لمؤتمر وطني عام يتم فيه مناقشة وضع وواقع ودور هذه الجمعيات التي تسمي نفسها جمعيات المعارضة بعد أن بلغ أذاها حدوده القصوى وأن يطرح المؤتمرون بكل شفافية إن كانت الوفاق وأتباعها والجمعيات الأخرى غير المشروعة تنتمي إلى الإصلاح والديمقراطية أم تنتمي إلى مرجعية دينية تابعة لمرجعيات في الخارج وتلعب دورا خطرا في نسف كل ما توافق عليه الشعب البحريني من ثوابت وطنية.
آن الأوان لكي يقول الشعب البحريني رأيه في أداء ودور هذه الجمعيات، وأن يتخذ منها موقفا شعبيا ووطنيا حاسما وجازما قبل فوات الأوان.

أضف تعليق