المحمود للخونة : من تتعاونون معهم هم أول من يحتقركم.. ولا يأمن جانبكم

الشيخ المحمود يقول لمن يخونون وطنهم بالتعاون مع أعداء الأمة:
من تتعاونون معهم هم أول من يحتقركم.. ولا يأمن جانبكم

imageتساءل فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود في خطبة الجمعة أمس: هل يظن أولئك الذين يخونون أوطانهم اليوم ويتعاونون مع أعداء الأمتين الإسلامية والعربية أنهم سيكونون بمنأى عن المصير ذاته؟.. هل يظنون أن أعداء العرب والمسلمين يريدون أن ينتصروا لمن يخون وطنه تحت أي مسمى لمصلحة هؤلاء الخائنين؟.. وهل يظنون أنهم سيستطيعون الاعتماد على أنفسهم والدفاع عن أنفسهم وقد سلموها لأعدائهم؟

ثم قال فضيلته: يا حسرة على هؤلاء الذين يخونون أوطانهم ويتعاونون مع الأعداء وهم يرون أنفسهم أذلة في كل العالم.. ان أول من يخذلهم ويحتقرهم هم أولئك الذين يتعاونون معهم.. سيقولون لهم: هل تظنون أننا نأمن جانبكم وأنتم الذين بعتم دينكم وبعتم أوطانكم من أجل مصالح آنية فبوءوا بسوء المصير.

وقال: ونحن نقول لخونة أوطانهم: تعساً لكم وقد خنتم الله ورسوله وخنتم أماناتكم بخيانتكم أوطانكم وخالفتم أمر الله تعالى.

(التفاصيل)

كان عنوان خطبة الجمعة بالأمس لفضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس جمعية «تجمع الوحدة الوطنية» هو «خيانة الله ورسوله والأمانات»، وفيما يلي نص الخطبة:
يقول الله تعالى: «يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيم» (التوبة/28).
الآيتان تحدثانا عن أنواع الخيانة، وعن الأسباب الداعية إليها.

أما أنواع الخيانة فهي ثلاثة أنواع؛ خيانة لله تعالى، وخيانة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وخيانة للأمانات.

– الخيانة لله تعالى تتمثل في عدم الالتزام بأحكامه، وفي تغيير الأحكام عن مواضعها، كما قال الله تعالى: «يَا أَيلاهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ»، (وهؤلاء هم المنافقون الذين كانوا يعلنون الإيمان ويبطنون الكفر).

«وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا»، وهذه جاءت في جماعة من اليهود الذين لم يرتضوا بأحكام الله تعالى ويريدون أن يتخلصوا منها، كما فعلوا بالزناة منهم وأرادوا أن يتخلصوا من العقوبة المنصوص عليها في التوراة وهي القتل رميا بالحجارة فجاءوا لعلهم يجدون عند النبي (صلى الله عليه وسلم) حكما غيره فيطبقونه.

«وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدلانْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابٌ عَظِيم» (المائدة/41).

– والخيانة للرسول (صلى الله عليه وسلم) تتمثل في عدم طاعته، وفي عدم الالتزام بالأحكام التي بلغها عن ربه عزّ وجلّ من الأوامر والنواهي.

– وخيانة الأمانات شاملة لكل أمانة، ومنها كل من خان مسؤولية تحمّلها أو حمّلت عليه، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أَلاَ كُللاكُمْ رَاع، وَكُللاكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهي مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْه، أَلاَ فَكُللاكُمْ رَاعٍ وَكُللاكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه). رواه البخاري وغيره.

– والأمانات كثيرة، مثل الأمانة على الدين، والأمانة على النفس، والأمانة على العرض، والأمانة على العقل، والأمانة على المال، وهي المقاصد الخمسة لكل الأديان.

– ومن الأمانات العظمى الأمانة على بلاد المسلمين بالمحافظة عليها وحمايتها وحماية أهلها والدفاع عنها وعن أهلها، وعدم تسليمها أو تسليمهم لأعداء الإسلام والمسلمين.

– لذلك رأينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقاتل بمن معه عن المدينة المنورة عندما أرادها أعداؤهم من قريش ومن معهم كما في غزوة الأحزاب، بل إنه عندما علم أن الروم يريدون المدينة جهز جيش العسرة وخرج إلى تبوك في أيام الصيف القائظ حتى يحمي بلاد المسلمين.

أمة الإيمان والإسلام

في هذه المرحلة من مراحل حياتنا كشف الله لنا ما يريده أعداء الإسلام والمسلمين من إعادة تقسيم بلاد الشرق الأوسط، بعد أن تم تقسيمها في نهاية الحرب العالمية الأولى بين البريطانيين والفرنسيين فيما سمي اتفاقية (سايكس بيكو) حيث قسمت الدول العربية والدول الإسلامية إلى دول ووضعت لها الحدود.

– التقسيم الجديد الذي يريده أعداء الإسلام والمسلمين وأعداء العرب وهو ما سموه (الفوضى الخلاقة أو الشرق الأوسط الجديد) ويراد به تقسيم المقسم وتجزيء المجزء والوسيلة لتحقيقه إثارة النعرات الدينية والطائفية والعرقية والقبلية وإيقاع الحروب الطائفية والدينية والعرقية والقبلية بين ابناء البلد الواحد، والهدف الاستراتيجي لهذا المخطط حماية الدولة الصهيونية الإسرائيلية أولا، والسيطرة على ثروات هذه البلاد ثانيا، وحماية المصالح الاقتصادية للدول الكبرى ثالثا، وقد حققوا بعض المكاسب كما في فصل شمال السودان عن جنوبه، وكما يسيرون فيه في العراق لتقسيمه إلى ثلاث دول شيعية وسنية وكردية، ومثل ذلك في البلاد العربية والإسلامية كما يريدون ذلك في الجزيرة العربية ومصر والمغرب العربي وإيران وأفغانستان وباكستان.

– لذلك نرى العجب العجاب من أولئك الذين يدعون الوطنية والإصلاح في خيانتهم لأوطانهم عندما يتعاونون مع أعداء الإسلام والمسلمين والعرب في الداخل والخارج للوصول إلى مآربهم وأطماعهم الخاصة على حساب بلدانهم وشعوبهم.

– إنهم يريدون أن يعيدوا إلى التاريخ ما فعله ملوك الطوائف في أخريات حكم المسلمين بالأندلس حينما ارتضوا أن يتقاسموا الدولة الإسلامية الموحدة إلى ممالك ويكون لكل واحد منها ملك، ثم يتصارعون بينهم ويستعينون بأعدائهم على بعضهم البعض فأعانوهم ثم أتوا على آخرهم فقضوا عليه، وسلمت غرناطة وهي آخر الممالك الإسلامية في الأندلس إلى أعداء الإسلام والمسلمين عام 1492م، وذهبت دولة المسلمين في الأندلس وطرد المسلمون منها فيما بعد شر طردة، ليبوءوا بالخزي والعار إلى قيام- هل يظن أولئك الذين يخونون أوطانهم اليوم ويتعاونون مع أعداء الأمتين الإسلامية والعربية أنهم سيكونون بمنأى عن ذات المصير، وهل يظنون أن أعداء العرب والمسلمين يريدون أن ينتصروا لمن يخون وطنه تحت أي مسمى لمصلحة هؤلاء الخائنين، أو أنهم سيستطيعون الاعتماد على أنفسهم والدفاع عن أنفسهم وقد سلموها لأعدائهم؟

– يا حسرة على هؤلاء الذين يخونون أوطانهم ويتعاونون مع الأعداء عندما يرون أنفسهم وهم أذلة في كل العالم، وأول من يخذلهم ويحتقرهم أولئك الذين يتعاونون معهم، ويقولون لهم: (هل تظنون أننا نأمن جانبكم وأنتم الذين بعتم دينكم وبعتم أوطانكم من أجل مصالح آنية خاصة فبوءوا بسوء المصير) ونقول لهم: تعسا لكم وقد خنتم الله ورسوله وخنتم أماناتكم بخيانتكم أوطانكم وخالفتم أمر الله تعالى: «يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين» ( المائدة/51).

أما الأسباب الداعية الى خيانة الله ورسوله وخيانة الأمانات فمرجعها – كما يوضحها ربنا تبارك وتعالى – أمران حيث قال عنهما بعد آية النهي عن الخيانة: «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَولادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» (التوبة/28).

أي أن السبب في هذه الخيانات لله ولرسوله وللأمانات مرجعها إلى حظ النفوس التي تظهر في حب الأموال وحب الأولاد، ومثل ذلك كل ما يكون محبوبا. فمقصود الحصول على الأموال وعلى الأولاد للناس هو حب الملكية والاختصاص، فيقول الإنسان: هذا مالي وهذا ولدي، ويستطيل بذلك على غيره، ويعادي غيره بسببهم لحظ نفسه.

– هؤلاء الذين يبيعون أنفسهم ويخونون الله ورسوله ويخونون أماناتهم هم الذين يقفون يوم القيامة أمام ربهم ويكونون مع أولئك الذين قال الله عنهم: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا(125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَشَدلا وَأَبْقَى» (طه/127).

وهؤلاء الذين يقول الله عنهم: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدلانْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا» (الكهف/106).
اللهم أنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر ما وما بطن.

أضف تعليق