البحرينيون تظاهروا أيام‮ ‬1965‮ ‬لأجل الوطن لا ضد أبنائه ومكتسباته‮

الجميع شارك لإخراج الإنجليز دون تخريب أو حرق أو إضرار بأهلنا ومملكتنا الحبيبة‮ ‬:
البحرينيون تظاهروا أيام‮ ‬1965‮ ‬لأجل الوطن لا ضد أبنائه ومكتسباته‮ ‬

الجمعة 22 يوليو 2011 – 03:57

كتب‮ – ‬إبراهيم عبدالرحمن بن مطر‮: ‬

الحديث هنا عن البحرين منذ عام‮ ‬‭,‬1965‮ ‬أي‮ ‬قبل‮ ‬46‮ ‬سنة‮. ‬كانت البحرين تعيش في‮ ‬أمن وأمان،‮ ‬وفي‮ ‬حب وتآلف وتكاتف،‮ ‬تجد فيها الابتسامة المشرقة على وجوه الناس‮. ‬كانت البحرين تحت الاحتلال الإنجليزي،‮ ‬وفي‮ ‬مارس‮ ‬1965‮ ‬عمت البلاد مظاهرات واعتصامات ضد هذا الاحتلال البريطاني‮. ‬بدأت المظاهرات من مدينة المحرق الحرة الصامدة،‮ ‬وشارك فيها عمال وطلبة‮. ‬ في‮ ‬تلك الفترة كنت طالباً‮ ‬في‮ ‬مدرسة المثنى بن حارثة الابتدائية،‮ ‬وإذا بطلبة مدرسة الهداية الخليفية‮ ‬يدخلون إلى ساحة المدرسة،‮ ‬وجاء أحدهم ليطرق باب الصف‮ ‬يستأذن من المدرس الموجود بإخراج الطلبة،‮ ‬لينضموا إلى جماهير المتظاهرين،‮ ‬وفعلاً‮ ‬خرج جميع طلبة المدرسة،‮ ‬بعضهم ذهب إلى البيت والآخرون انضموا إلى المتظاهرين،‮ ‬كان عمري‮ ‬في‮ ‬ذلك الوقت عشر سنوات وفي‮ ‬الصف الخامس ابتدائي‮.‬

استمرت المظاهرات شهرين أو أكثر،‮ ‬لا أتذكر تماماً‮ ‬فكان الجميع‮ ‬يشارك من طلبة وطالبات،‮ ‬رجالاً‮ ‬ونساء،‮ ‬خصوصاً‮ ‬عمال شركة بابكو،‮ ‬الذين كانوا الأبرز بين المتظاهرين،‮ ‬وكانت أعدادهم مميزة عن باقي‮ ‬العمال في‮ ‬الشركات التي‮ ‬كانت موجودة في‮ ‬تلك الفترة‮. ‬كان هناك زعماء ورؤساء لهذه المسيرات بالنسبة للمحرق،‮ ‬وكانت نقطة التجمع في‮ ‬شارع الشيخ حمد بمسجد أبو منارتين،‮ ‬وكان قادة المظاهرات‮ ‬يستخدمون ميكروفونات المسجد لحث المتظاهرين على الاستمرار في‮ ‬الاعتصامات والمظاهرات ضد الاستعمار البريطاني،‮ ‬وكانت هذه المظاهرات طوال تلك الفترة سلمية،‮ ‬فلم‮ ‬يكن هناك تخريب أو تكسير أو ضرب‮. ‬

كلها كانت هتافات ضد الاحتلال،‮ ‬فيما الطائرات العمودية تلاحق المتظاهرين وتسقط عليهم مسيلات الدموع‮. ‬ كان المتظاهرون‮ ‬يهتفون‮ ”‬مسيلات الدموع ما تفرق الجموع‮”‬،‮ ‬وكانت هناك هتافات حلوة،‮ ‬والمظاهرات تبدأ من التاسعة صباحاً‮ ‬وتستمر إلى الواحدة بعد الظهر،‮ ‬ومن الرابعة إلى السابعة مساء،‮ ‬وبشكل‮ ‬يومي‮ ‬تجوب شوارع وطرقات مدينة المحرق‮. ‬

وكنت مشاركاً‮ ‬في‮ ‬تلك المظاهرات مع أخي‮ ‬الأكبر عبد الله،‮ ‬كنا نخرج من البيت منذ الصباح إلى الظهر ونذهب إلى البيت لتناول وجبة الغداء وننام لمدة ساعة،‮ ‬وفي‮ ‬العصر نذهب إلى نقطة التجمع عند مسجد أبو منارتين،‮ ‬فيقوم قادة المظاهرات بإلقاء الخطب الثورية الحماسية،‮ ‬وبعد الانتهاء تنطلق المظاهرات حتى المغرب وهكذا استمرت هذه المسيرات لعدة شهور‮.‬

قلوب الجميع على الوطن

كان الجميع مشاركاً‮ ‬في‮ ‬مظاهرات‮ ‬‭,‬1965‮ ‬ومن جميع أطياف المجتمع،‮ ‬ولم‮ ‬يكن هناك فرق بين طائفة وأخرى ولا‮ ‬يوجد أي‮ ‬نوع من الطائفية،‮ ‬الكل‮ ‬يعتبر نفسه مواطناً‮ ‬بحرينياً‮ ‬ينتمي‮ ‬إلى هذا الوطن العزيز،‮ ‬ويجب عليه الذود عنه وتخليصه من أي‮ ‬نوع من الاستعمار،‮ ‬وليس كما حدث في‮ ‬فبراير‮ ‬2011‮ ‬من قبل الفئة الضالة التي‮ ‬كانت تطالب بقلب نظام الحكم،‮ ‬وتطلب من دول أجنبية مساعدتهم،‮ ‬كما قامت بالتخريب والتدمير وقتل الأبرياء من المواطنين ودهس رجال الأمن الذين‮ ‬يسهرون على أمن البلد والمواطنين والتمثيل بهم،‮ ‬واحتلال دوار مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬والقيام بقلع أعمدة الكهرباء ووضعها في‮ ‬الشوارع لسدها،‮ ‬حتى لا‮ ‬يتمكن أحد من المرور،‮ ‬ونصب خيام عند المرفأ المالي‮ ‬لشل عجلة الاقتصاد،‮ ‬واحتلال أكبر مستشفى في‮ ‬البحرين‮ (‬السلمانية‮)‬،‮ ‬والقيام بعمل إجرامي‮ ‬فيه وعمليات وهمية به،‮ ‬ونقل ما‮ ‬يحدث للقنوات التفزيوينة خصوصاً‮ ”‬العالم‮” ‬و‮”‬المنار‮”. ‬

هل هم بحرينيون حقاً؟‮! ‬

الفرق بين المتظاهرين في‮ ‬2011‮ ‬وفي‮ ‬1965‮ ‬أن المظاهرات كانت منظمة،‮ ‬وكانت تطالب بخروج الاستعمار من البحرين،‮ ‬لم تقم بالتخريب أو الاعتداء على الغير‮. ‬وكان المشاركون في‮ ‬هذه المسيرات‮ ‬يواصلون تظاهراتهم ليس ضد وطنهم،‮ ‬بل ضد المستعمر،‮ ‬وشتان بين الثرى والثريا‮!!. ‬ في‮ ‬هذه المحنة الكبرى استيقظ المارد وتحرك بكل ما أوتي‮ ‬من قوة،‮ ‬ضد هذه الفئة المضللة ووقف في‮ ‬وجهها متحدياً‮ ‬إياها أو‮ ‬غيرها،‮ ‬تحت مسمى‮ ”‬تجمع الوحدة الوطنية‮” ‬بقيادة الشيخ د.عبد اللطيف المحمود،‮ ‬في‮ ‬أول تجمع عند جامع الفاتح،‮ ‬بلغ‮ ‬350‮ ‬ألف مواطن من الجنسين،‮ ‬وقام بإلقاء خطابه التاريخي،‮ ‬الذي‮ ‬تجسدت فيه روح المحبة والانتماء للوطن والقيادة الرشيدة،‮ ‬وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى،‮ ‬وقائد نهضة البحرين صاحب السمو الملكي‮ ‬الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء،‮ ‬ورائد اقتصادها صاحب السمو الملكي‮ ‬الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي‮ ‬العهد،‮ ‬حفظهم الله جميعاً،‮ ‬وسدد على طريق الخير خطاهم‮. ‬

عرض د.المحمود مطالب شعب البحرين‮ -‬التي‮ ‬وافق عليها الجميع من كل أطياف المجتمع‮- ‬وروح الشعب البحريني،‮ ‬التي‮ ‬بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي‮ ‬إلى‮ ‬1965‮ ‬وبقيت صامتة‮. ‬استيقظت حين أحست بالخطر‮ ‬يحدق بالبحرين،‮ ‬كما‮ ‬يستيقظ المارد العملاق من مدينة المحرق العريقة،‮ ‬لدرء الخطر في‮ ‬تجمع آخر،‮ ‬كذلك عند جامع الفاتح الذي‮ ‬ضم‮ ‬450‮ ‬ألف مواطن،‮ ‬أي‮ ‬بزيادة مئة ألف مواطن عن التجمع الأول‮. ‬ويعتبر هذا في‮ ‬حد ذاته رقماً‮ ‬قياسياً‮ ‬كبيراً‮ ‬جداً‮ ‬بالنسبة إلى عدد سكان البحرين،‮ ‬يمثل جميع الأطياف باختلاف دياناتهم ومذاهبهم‮.‬ أيام‮ ”‬لوّل‮” ‬رجعت البحرين رجعت أيام‮ ”‬لول‮” ‬في‮ ‬البحرين مرة أخرى،‮ ‬بعد هذه المحنة أقوى بكثير،‮ ‬وكما‮ ‬يقول المثل‮ ”‬رب ضارة نافعة‮”‬،‮ ‬والضربة التي‮ ‬لا تقصم ظهرك تقويك‮. ‬

والمطلوب في‮ ‬هذه الفترة من جميع أطياف الشعب البحريني،‮ ‬الرجوع إلى الألفة والمحبة والتآخي‮ ‬والتلاحم ونبذ الفتنة الطائفية،‮ ‬والعمل‮ ‬يداً‮ ‬بيد لبناء البحرين والنهوض بها إلى أعلى المستويات،‮ ‬وأنا على‮ ‬يقين أن الشعب البحريني‮ ‬الطيب أصبح أقوى من ذي‮ ‬قبل وسترجع أيام زمان الحلوة‮. ‬ أؤكد أن هذا التوجه من جميع أطياف أهل البحرين الشرفاء‮ -‬الذين اتفقوا على إنجاح حوار التوافق الوطني،‮ ‬الذي‮ ‬جمع كل مكونات الشعب البحريني‮- ‬يؤكد استمرار مسيرة الإصلاح التي‮ ‬دعا إليها جلالة الملك المفدى،‮ ‬وهو خير دليل على أن أهل البحرين،‮ ‬الذين عاشوا تلك الفترة‮ ‬يبعثون من جديد،‮ ‬من أجل سعادة معشوقتهم البحرين بقيادة جلالة الملك حفظه الله ورعاه‮. ‬

أضف تعليق