بعد الإقصاء يجب أن نستحق الوجود

نقطة حــبر

بعد الإقصاء يجب أن نستحق الوجود

أماني خليفة العبسي

صحيفة الوطن – العدد 2054 الثلاثاء 26 يوليو 2011        

الوقت مساء الاثنين – أمس – وحماس غير مسبوق للقاء تجمع الوحدة الوطنية .. إنه مشهد يستحق الوقوف عنده والتأمل .. ربما الكثير من مشاعرنا اليوم تعود إلى التاريخ الذي كنا فيه مغلوبين على أمرنا .. لا يعجبنا الحال لكننا لا نملك الحل والربط حتى حصلنا على لقب الفئة الصامتة بجدارة .. صعب للعين الخارجية المجردة أن ترى كيف حدث الإقصاء ضد السنة في البحرين أو بالأحرى ضد الصوت المعتدل فكثير من الشيعة معتدلون .. ولا أنكر أننا ارتضينا الإقصاء وتساهلنا في حقنا ووقفنا موقف المتفرج ونحن نعي بأن كثيراً من التصرفات حولنا خاطئة.. حتى وهم يدعون كذباً أنهم الشعب ويتكلمون بصوتنا جميعاً .. وكما الحديد الصلب مع الحرارة والضغط ينصهر ويعاد تشكيله فقد نجحت تلك الفئة بإصرار وتصميم عجيبين على خلق صورة شعب لا وجود للشارع السني بها ولا للأصوات المعتدلة من كل الطوائف والفئات .. لأنها استوعبت -فيما نحن غافلون- خطورة الإعلام ودور الجماعات والهيئات الحقوقية ورتبت جبهة متكاملة استعداداً لساعة الصفر..  

لكن الواقع أننا لا يجب أن نبخس هذه الحركة دقة عملها وإصرارها -مع اختلافنا معها- .. فقد اجتهدت على خلق الصورة التي تريد .. في الحقيقة أن هذا مجهود يجب أن تستقى منه دروس .. فأين كنا نحن حين كان هذا الجهد يبذل والوقت والإنفاق السخي على هذه المنظومة الإعلامية والحقوقية وعلى تسييس الشارع سنوات طويلة.. كنا نأخذ إذا منحنا ونسكت إذا حرمنا .. لم يكن لدينا هذا النفس الطويل ولا الرغبة في التغيير وركنا إلى حالنا .. أنا أقول لو أن الوفاق عملت وفق أسس وطنية بدلاً من السباحة في تيار طائفي لحققت الكثير ولأصبحت كياناً وطنياً تعتز به البحرين وقد كان خيارها خاطئاً حين ظنت أن المرجعية وامتدادها الخارجي يمكن أن يكون عامل قوة .. بالعكس فهذا تحديداً ما يجعلها اليوم منعزلة ومنبوذة سياسياً ..

الاختيار الذي نبدأ به والطريق الذي نسلكه يحدد كيف سيكون أثرنا في حياة الناس .. وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لكيان جديد مثل تجمع الوحدة الوطنية .. حتى وهو يملك مقومات القوة من اللحظة الأولى فهذا مدعاة للتدقيق في اختياراتنا للحفاظ على الاستمرارية والتطور للأفضل ..  من الدروس التي يجب أن نتعلمها من تجربة المعارضة المؤسفة هو الإصرار على الهوية الشاملة لتجمع الوحدة الوطنية .. الهوية الجامعة لكل الناس دون استثناء .. فالتجمع ليس إسلامياً ولا يجب أن يمارس رجال الدين الأجلاء أدوارهم في التجمع بصفتهم الدينية .. فهم مواطنون وشخصيات عامة تمثل كل مواطن وأيضاً كل مقيم مهما اختلفت الديانة واللون واللسان .. يجعل التجمع يحافظ على الليبراليين وغيرهم من فئات تمثل إثراء لتجربته السياسية .. هذا هو التجمع الذي ارتضيناه أولاً ولا نريد له أن يصبح تجمعاً إسلامياً أو سنياً يمثل ديانة أو طائفة لأن هذا سيحد من قوته وتأثيره ومناعته..

الأمر الآخر الذي يجب أن نعيه هو أن هوية من يجلس على الكرسي ليست مهمة بقدر الأهداف التي يجب تحقيقها .. إن ما يهم الشعب البحريني ليس من ينال هذه الكراسي بل هل يتحمل المسؤولية وهل يفي بالغرض وهل يحقق الأهداف وفق تسلسل زمني وبالأرقام بحيث نرى التغيير ونلمسه ..

ومع احترامي لجميع الشخصيات الممثلة للتجمع فآثاركم ستصنعكم من جديد .. تهمنا النتائج .. ما رأيناه من حماسة وأمل وترقب أعقب الإعلان عن لقاء تجمع الوحدة في عراد وحتى مساء أمس يجعلنا نتأمل في ما نملكه الآن .. فما كنا نظن بصراحة أننا سنعيش لنرى توازنات جديدة تتحقق وواقعاً جديداً ونسمع تلك الأصوات الشجاعة تنادي بعدالة الرأي قبل حريته .. فالحرية التي تكون لطرف واحد وتخل بحق الجميع في أن تسمع أصواتهم هي أمر ناقص لا تستقيم معه الحياة في بلد تعددي ..

إننا نملك اليوم الكثير وبإمكاننا تحقيق تغيير وأن نبرهن على استحقاقنا لهذا الوجود وهذه المساحة الكبيرة من الخارطة السياسية .. وما تزال دروس كثيرة أمامنا لنتعلمها ..

الأمل أن يكون التجمع قادراً على استقاء الدروس من التجارب الماضية وأن يبتعد عن نمطية التعلم بأسلوب التجربة والخطأ فهذا سيوفر عليه وعلينا الكثير

أضف تعليق