هل كانت جمعية الوفاق تريد نجاح حوار التوافق الوطني حقا؟

هل كانت جمعية الوفاق تريد نجاح حوار التوافق الوطني حقا؟

image
بقلم: سي مور

ملحوظة: كتب هذا المقال قبل أن تعلن جمعية الوفاق انسحابها من حوار التوافق الوطني بالأمس.

لقد مضى أكثر من أسبوع بالتمام والكمال منذ انطلاق أعمال حوار التوافق الوطني في مطلع يوليو 2011 دون أن ينسحب أصدقاؤنا في جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، خلافا لما هددوا به.

هكذا كنت سأستهل عمودي الصحفي في بداية الأسبوع الماضي غير أن الأمر قد تغير مع الأسف.

كان يجب ابتداء أن نشيد بحضور أصدقائنا في جمعية الوفاق أعمال حوار التوافق الوطني – ليس فقط لأن الأمر قد استغرقهم أربعة أشهر بل لأن الخروج من الفوضى العارمة التي تسبب فيها أصدقاؤنا كانت تقتضي جلوس كل الأطراف إلى نفس الطاولة – طاولة حوار التوافق الوطني.

إن المراقب العادي كان يمكنه أن يكتب سيناريو انسحاب جمعية الوفاق بشكل دراماتيكي حتى من قبل أن يتأثر أعضاؤها بالتعليقات التي وردت على لسان خصمهم القديم النائب جاسم السعيدي يوم الثلاثاء.

أنا لست هنا في معرض الدفاع عن جاسم السعيدي، المعروف بخطابه الناري علما وأن الأطراف المناوئة للحكومة قد قتلت شقيقه في الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في فترة التسعينيات.

لكن أعتقد أن جمعية سياسية معارضة في حجم جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ما كان لها أن تهتز أو تذروها مثل هذه التعليقات التي صدرت عن النائب جاسم السعيدي.

إن حوار التوافق الوطني لا يرمي إلى رسم مشهد سياسي في مملكة البحرين – رغم أن جمعية الوفاق تعطي الانطباع بأن حوار التوافق الوطني ينشد فعلا تلك الغاية – علما وأن هذه الجمعية السياسية قد آثرت التغيب عن جلسات تركز خلالها الاهتماما على قضايا ومرئيات اجتماعية و اقتصادية لأنها لا تعتبرها غير مهمة.

حوار التوافق الوطني هو بلا شك فرصة تتاح لكل أطياف الشعب كي تعبر عن رأيها وتطرح مرئياتها في المسائل والقضايا الجوهرية ذات العلاقة بمستقبل مملكة البحرين. حوار التوافق الوطني هو أيضا جزء لا يتجزأ من المسار الذي يجب أن يسير فيه هذا الوطن حتى تندمل الجراح – وهو مسار قد يتضمن مثل هذه الهزات.

أنا شخصيا لا يهمني ما يتحدثون فيه في حوار التوافق الوطني. يكفيني أن الناس من مختلف الأطياف يجلسون إلى نفس الطاولة ويتحدثون، وخاصة عندما تحضرني الصورة التي كانت عليها مملكة البحرين في شهر مارس الماضي، عندما تمزقت البلاد بشكل كبير وعندما كانت حدة التوتر على أشدها في هذا الوطن الصغير.

ينتانبي إحساس بأن جمعية الوفاق الوطني الإسلامي لا تريد لحوار الوفاق الوطني أن ينجح.

إن هذا التخبط بخصوص المشاركة في حوار التوافق الوطني من عدمه إنما يعكس على الأرجح الانقسامات التي تشق جمعية الوفاق الوطني الإسلامي أكثر مما تعكس مقاربة تقوم على سياسة الصعود إلى الحافة- وهو الانطباع الذي حصل لنا في خضم الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في شهري فبراير و مارس.

فإذا لم تستطع جمعية الوفاق أن توافق الآن على هذه المسألة المهمة – وهي التي تزعم أنها تمثل شريحة واسعة من الناس – فكيف ستتصرف هذه الجمعية إذا في صلب حكومة ديمقراطية؟

زد على ذلك فقد ارتكبت المعارضة السياسية في مملكة البحرين خطأ فادحا ولم توفق في حساباتها وأساءت تقدير الأمور عندما ذهبت إلى الشارع وراحت ترفع شعارات تطالب فيها بإسقاط نظام الحكم.

في الحقيقة فإن جمعية الوفاق، وبدل أن تحشد الدعم للثورة من أولئك القابعين على الهامش، فإنها أيقظت جيلا جديدا بأسره، بل أجيالا بأكملها من من البحرينيين الذي لا يتفقون معها ولا يشاطرونها الرأي.

إن أولئك البحرينيين الذي لم يسبق لهم ربما التصويت قد أصبحوا اليوم يطالبون بحقهم في المساهمة في مستقبل البلاد – لذلك لا تستطيع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أن تدعي بعد اليوم لنفسها أن تتحدث باسم «الشعب» وتلبس جلباب تمثيله.

أما الجمعيتان السنيتان الأصالة و المنبر الاسلامي، اللتان تعتبران من خصوم جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، فقد احتواهما الشيخ الدكتور عبد اللطيف المحمود في صلب تجمع الوحدة الوطنية – هذا التجمع الذي بات مستعدا لمواجهة المقاربة الآحادية الأمريكية، فما بالك بالشيخ علي سلمان وأتباعه.

إن المراقب لمجريات الأمور من الخارج قد يدرك أن جمعية الوفاق الوطني قد تكون أساءت تقدير الأمور و«قضمت قضمة أكبر من فمها».

لقد بات من المؤكد أن شريحة عريضة من الشعب البحريني لم تعد تثق في جمعية الوفاق أو تتفق مع ما تطرحه. لذلك فإنه يحق لنا أن نتساءل عن كيفية نجاح الديمقراطية إذا لم تبدأ جمعية الوفاق قبل كل شيء باحترام آراء الآخرين.

يزعم قادة جمعية الوفاق أنهم لا يأتمرون بأوامر إيران وأنهم لا يخططون لتحويل مملكة البحرين إلى جمهورية إسلامية لكن هل جمعية الوفاق مستعدة لقطع علاقاتها مع الزعامات والمراجع الدينية في الخارج؟.

لقد حالت جمعية الوفاق دون حصول النساء الشيعة على مزيد من الحقوق في المحاكم الشرعية الجعفرية لأنها لا تستطيع أن تقدم على هذه الخطوة دون موافقة المرجع علي السيستاني في العراق.

في ظل الملكية الدستورية التي تطالب بها جمعية الوفاق يجب ألا يُسأل علي السيستاني وسيفتي عبر الهاتف عما إذا كان يجوز شرعا سن قوانين تمس كافة أبناء الشعب البحريني.
إن الوفاق جمعية إسلامية. يجب على وسائل الإعلام الغربية ألا تتعامى عن هذا الأمر وتسعى لطمس الحقيقة.

إذا كانت الديمقراكية التي تنادي بها جمعية الوفاق تسعى لتجريد النساء من حقوقن وتنكر عليهن حرياتهن الأساسية فيما تضيق صدور رجال الوفاق ويغادورن قاعة الحوار في كل مرة فإنني أعتقد أن الوقت قد حان حتى تكبر جمعية الوفاق وتنضج.

أضف تعليق