بابكو – واقع أقرب من الخيال

بابكو – واقع أقرب من الخيال

نجاة المضحكي  05/05/2011

مصفاة شركة نفط البحرين؛ الدجاجة التي لم تبض ذهباً كل يوم بل مدراء ورؤساء، شركة لم يزد إنتاجها منذ 1968 عن 250,000 برميل لليوم رغم أن كلفة تشغيلها ارتفعت من مليون دولار إلى 70 مليون دولار سنوياً، وارتفع عدد موظفيها إلى 3200 على رأسهم 14 مديراً في الإدارة العليا و70 مدير إدارة، حيث يكون مجموع رواتب الموظفين بالمزايا والعطايا 300 مليون دولار سنوياً، إضافة إلى سيارة Lexus 460 لكل مدير تنفيذي كل 4 سنوات، وسيارة Avalon  لكل مدير إدارة، وعلاوة بدل سفر 1500 دينار، وبدل حفلات 500 دينار سنوياً، وسكن في منطقة عوالي مع كهرباء وماء وبلدية وغاز وحراسة وصيانة مجاناً، ناهيك عن العلاج المجاني في مستشفى عوالي.

إذا ما تمت مقارنة شركة بابكو وشركة أرامكو التي يبلغ موظفوها 55 ألف موظف وطاقمها التنفيذي فقط 8 مدراء، أما مصفاة رأس تنورة التي يبلغ إنتاجها اليومي 500 ألف برميل يومياً، طاقمها التنفيذي فقط 5 مدراء.

شركة شاخت مكائنها ولم تتغير ولم تتطور، شركة تم دمجها مع شركة بنوكو من أجل خفض الكلفة التشغيلية، لكن للأسف الشديد تم الاستفادة من هذا الدمج لأغراض طائفية فاضحة، فقد تم تهميش فئة كبيرة من موظفي بنوكو بين تطفيش وترغيب في تقاعد مبكر، إلى أن صفا الجو، حيث لم يتم إلغاء الوظائف المترتبة على الدمج بل تم استبدالهم طائفياً، حيث إنه من المتعارف عليه أن يتم إعداد هيكل تنظيمي جديد بعد أي دمج بين المؤسسات، إلا أن ما حصل هو العكس حيث تولدت الإدارات وتشعبت الأقسام، وقد وصل الأمر أن أصبح في بعض الإدارات 3 مدراء، وذلك كلما طرأت أو استجدت ترقية أحد الأقارب والأصحاب، حيث أصبحت الشركة مملوكة عائلياً، والتي يمكن رسم شجرة تبين غصونها وفروعها، كشجرة الأنساب. الأمر لم يتوقف على هذا تضخم الهيكل التنظيمي للشركة؛ بل تم الإبقاء حتى على الموظفين ومنهم المدراء الذين تم تصنيفهم من قبل اللجنة الطبية التابعة للشركة على المهام الخفيفة لأسباب صحية، إذ بلغ عددهم 250 موظفاً، ما يترتب على وجودهم أعباء مالية مع عدم جدوى من إنتاجيتهم.

ولا بد هنا أن نذكر ما ورد في تقارير الرقابة المالية؛ حيث أوضح تقرير لديوان الرقابة المالية والإدارية في عام 2005:

  • ·         وجود تلاعب في أكثر من 400 عقد واتفاقية وطلب شراء جلها من بابكو قبل الدمج ( مصنع التكرير ). وهذا يدل على مدى الفساد المستشري في هذا المصنع وأنه ليس وليد اللحظة كما يوضح أنه لم يكن هناك أي فساد في بنوكو حيث كانت الشركة تعمل حسب الأنظمة.

  • ·         بعد الدمج لوحظ ارتفاع التكاليف سنوياً بنسبة٪ 45 تقريباً. مثال ، في عام 2008 كانت الإيرادات (488,358,3 دينار) بينما في عام 2007 ( 602,573,3 دينار) علماً أن هذه الفترة كانت فترة انتعاش اقتصادي محلي وعالمي فكيف ترتفع كلفة الإنتاج وتنخفض الإيرادات!!

  • ·         عدم خضوع الكثير من العقود لدليل السياسات والإجراءات الخاصة لإدارة العقود وهي المختصة والمكلفة حسب أنظمة الشركة بإبرام العقود وتنظيم إجراءات التعاقد، وذلك بهدف توثيق المبالغ المستحقة. مثال على ذلك عقود التوظيف لكبار الموظفين والعقد الخاص بشركة شيفرون ( 3 ملايين دولار ).

  • ·         إصرار الشركة على التعاقد مع موردين ومقاولين محددين (كمصدر وحيد) بعقود تبلغ الملايين سنوياً ولفترات طويلة امتدت لعشرات السنين. ما انعكس ذلك سلباً على السوق المحلي وأخل بمبدأ المنافسة الشريفة وبالتالي الإثراء الفاحش من قبل هذه الشركات والسيطرة المطلقة على صناعة النفط والغاز.

  • ·         عدم اتخاذ مجلس المناقصات والمزايدات إجراء حازماً في منع هذه التجاوزات وذلك لأن المجلس كان تحت رئاسة وزير شؤون النفط آنذاك وهو في نفس الوقت رئيس الإدارة العليا لشركة بابكو،

  • ·         وكذلك قيامه بمنح بابكو استثناء بمباشرة المناقصات التي تقل عن 001ألف دينار وليس للمجلس علم أن دائرة الشؤون القانونية سابقاً (هيئة الإفتاء والتشريع القانوني) بعدم شرعية هذا الإجراء.

  • ·         شراء مواد ومعدات زائدة عن المطلوب وبالتالي تلفها بسبب طريقة التخزين.

  • ·         القيام بأعمال بناء وترميم وصيانة لمنازل كبار المدراء ببابكو بمنطقة عوالي بملايين الدنانير.

  • ·         تم اتخاذ قرارات بصرف اعتمادات مالية كمكافآت وامتيازات للمدراء دون عرض ذلك على مجلس الإدارة لاعتمادها.

 فالأمر ليس مقتصراً على موظفين شاركوا في عصيان مدني أو هتفوا بإسقاط النظام، إنما أخطر من ذلك، وسيظل خطيراً ما دام عصب الاقتصاد يقع تحت رحمة من لا يشكر، ومن تنكر لخير البحرين، ومن له نية على شل حركة البلاد في أي لحظة ، حيث تتوقف الحياة في البحرين ، عندما يتوقف الإنتاج . 

إنها أمانة مسئول عنها الجميع، وسيحاسب كل من علم بها وسكت، أنه المال الذي أمر الله تعالى عدم إضاعته وإعطائه من ليس أهلاً لحفظه وذلك كما جاء في كتابه ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ) ( النساء: من الآية 5 ). وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ”إن الله كره لكم ثلاثاً”، ذكر منها ”إضاعة المال”، إنه أمر خطير وذلك عندما يضيع الأمن والمال حين تنيط أمانته إلى غير أهله، إنها فعلاً من أشراط الساعة.

أضف تعليق