بُكره يذوب الثلج.. ويبان المرج

محمد المحميد

** أول السطر:
أبرز صورة لا تمحى من الذاكرة للحوار الوطني في المملكة العربية السعودية كانت اللقطة التي تجمع الشيخ سليمان العودة (السني) مع الشيخ حسن الصفار (الشيعي) وهما في سيارة واحدة أثناء جلسات الحوار.. فهل نرى مثل هذه الصور المعبرة في الحوار الوطني البحريني..؟؟

** للعلم فقط:
علمنا بأن هيئة الإفتاء والتشريع أوصت ببطلان عضوية ممثلي اتحاد العمال الموجودين حاليا كأعضاء في مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي، باعتبارهم مفصولين من عملهم ولا يمثلون القطاع الخاص.. والأيام القادمة ستكشف المزيد.. ولن أزيد.

** بُكره يذوب الثلج:
في هذه الأيام أتصفح تقارير ديوان الرقابة المالية، وأسجل ملاحظات حول عدد كبير من الوزارات والمؤسسات والهيئات، ووجدت استنساخا للتجاوزات والأخطاء ذاتها التي تقوم بها المؤسسات، كما وجدت تكرارا للتوصيات ذاتها من ديوان الرقابة المالية، تماما كما وجدت نفس ردود الفعل والتعليقات وفزعة الرأي العام التي تدوم لأسبوع في الصحافة والمنتديات والمجالس، ثم تبدأ بالغياب وقلة الاهتمام وبروز أخبار وقضايا أخرى، وهكذا.
التقرير القادم لديوان الرقابة سيكون أشمل وأكبر لأنه سيتواكب مع المسمى الجديد للديوان، والذي أضاف إليه مهام الرقابة المالية والإدارية، ما يعني أن الرقابة ستشمل الإجراءات الإدارية وستكشف مواطن الخلل والتجاوزات، وستضع توصياتها وتسجل ملاحظاتها، وستأتيها التعليقات والردود من الجهات المعنية، تماما كما كان يحصل في الرقابة المالية.

طوال الأشهر الماضية لهذا العام كنت أتابع مشاريع وخطط وبرامج الوزارات والهيئات، والميزانيات التي تصرف والأموال التي تهدر، ووجدت كمٌّا هائلا للتجاوزات والملاحظات ذاتها، والمشاريع والبرامج التي انتقدها تقرير ديوان الرقابة المالية نفسها، ولكن يبدو أن الهيئات مصرة إصرارا غريبا على تكرار المشاريع والبرامج نفسها رغم توصيات تقرير ديوان الرقابة، الأمر الذي جعلني أتساءل عن جدوى وفاعلية ودور ديوان الرقابة إذا كانت توصياته لا تنفذ، وملاحظاته لا يهتم بها..؟؟

وهذا مثال بسيط فقط، فإن تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير أشار إلى غياب تشريع وقانون لتنظيم الدين العام في مملكة البحرين، وكان رد وزارة المالية أن القانون في مراحله النهائية، ولكن المشروع رفع من مجلس النواب إلى مجلس الشورى في اكتوبر 2009، ومنذ أسبوع واحد فقط أنهت اللجنة المختصة بمجلس الشورى المشروع مع بعض التعديلات، ومن المقرر مناقشته في الدور القادم، وسيأخذ دورته التشريعية مرة أخرى بين مجلسي الشورى والنواب، ولا ندري متى سيصدر قانون الدين العام بشكل نهائي في مملكة البحرين.
خذ مثالا آخر.. تقرير ديوان الرقابة المالية أشار إلى أكثر من مرة عن المشاريع التي تقيمها «تمكين» والتي ليست لها علاقة بأهداف تمكين ولا بأموال التجار والناس الذين يصرفون بغير وجه حق قانوني، ولكن هاهي تمكين تواصل في مشاريعها الشبابية من أموال التجار وتحت عباءة تهيئة الشباب المتمكن لسوق العمل.

لن أعطي أمثلة أخرى، ولن أسرد نماذج أكثر.. عن الوزارات والهيئات، ولكن سأنتظر مع باقي المواطنين تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية القادم.. «وبكره يذوب الثلج.. ويبان المرج».. مع كل التقدير والاحترام للأخ العزيز حسن الجلاهمة رئيس ديوان الرقابة ومن معه من المخلصين.

** ملاحظة واجبة:
بعث لنا القارئ محمد عثمان هذا الموقف البحريني الأصيل نقلا عن الدبلوماسي السعودي الزائر للبحرين عبدالله المطيري حيث يقول: كنت قادما من الرياض ومغادرا الى جهة أخرى، وكان علي أن أنتظر أكثر من ثلاث ساعات، فجلست في أحدى الصالات حيث يوجد مقهى، وكان يجلس الى جواري شخص عرفت فيما بعد أنه السيد عدنان أحمد يوسف (رئيس اتحاد المصارف العربية)، بعد لحظات قدم عدد كبير من الآسيويين المغادرين ودخلوا الصالة وتقدموا نحو المقهى يتحدثون مع الرجل، وكان عددهم يزيد على عشرين شخصا، كلهم كبار في السن، وبدأوا يسألون المسئول في المقهى عن أسعار المشروبات والمأكولات، ووجدوا صعوبة في التواصل معه، وأخذوا يتلفتون في يأس، حيث كانوا على ما يبدو في حاجة ماسة الى ما يأكلونه ويشربونه، فنهض السيد عدنان يوسف من مقعده وتقدم نحو مدير المقهى وأمره بأن يلبي جميع طلباتهم وعلى حسابه الخاص، وطلب من الرجال أن يجلسوا في المقاعد، ثم أشرف بنفسه على توزيع ما طلبوه، وكان يفتح لهم أكياس الشاي والسكر، إلى أن شربوا وأكلوا، ورجع الرجل الى مقعده، فسأل الدبلوماسي السيد عدنان يوسف في استغراب عن دوافع ما فعل؟ فأجاب: إن هؤلاء غرباء ويجب علينا أن نعكس لهم صورة مشرفة عن بلادنا.. فشكرا للسيد عدنان يوسف على هذا الموقف البحريني الأصيل.

** آخر السطر:
لا يستطيع أحدٌ ركوب ظهرك.. إلا إذا كنت منحنياً.. ولا يوجد إنسان ضعيف.. ولكن يوجد إنسان يجهل في نفسه موطن القوة.